Translate

الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012



ضحايا عبارة السلام 98 



جثث ضحايا العبارة طافية على سطح البحر

• في ساعات مبكرة من صبيحة يوم الجمعة 2/ 2/ 2006 كان أقارب ما يزيد عن 1000 من ضحايا عبارة السلام 98 على موعد مع الأحزان.. بعد ما احتضن البحر أقاربهم وذويهم على غير موعد مسبق ويستقر حطام السفينة الغارقة في قعر البحر الأحمر .
• ولم يكن حادث الغرق وليد الصدفة بل حدث لتضافر عديد من العوامل اجتمعت كلها لتسطر الفصل الأخير في مسرحية ظاهرها وباطنها يؤكد مفهوما واحدا ألا وهو " نفسي وليهلك من بعدي " ...
• ولكي نفهم الأمر جيدا اسمحوا لي أن نعود قليلا للوراء لنبدأ القصة من أولها :
• فبعد تخرج ممدوح إسماعيل والذي أصبح فيما بعد رئيس مجلس إدارة شركة السلام للنقل البحري المالكة للعبارة 98 من الأكاديمية البحرية بالإسكندرية عمل على سفينة لبعض رجال الأعمال السعوديين في البحر الأحمر.
• ثم اختير بعد ذلك ممثلا عن ملاك السفينة القمر السعودي والتي يملكها المستشار السابق لعاهل السعودية الراحل الملك فيصل ألا وهو رشاد فرعون.
• ثم تم تعيينه مستشارا لموانئ البحر الأحمر في بداية التسعينات الأمر الذي وسَّع من دائرة نفوذ ومعارف ممدوح إسماعيل فضلا عن كونه عضوا بالحزب الوطني وأيضا مجلس الشورى.
• وبناء على ذلك قام بتأسيس شركة السلام للنقل البحري وفرض من خلالها سيطرته على كافة موانئ البحر الأحمر.. وأصبحت السفن العاملة على كافة الخطوط البحرية معظمها يحمل اسم السلام.
• أما عن السفن التي يملكها ممدوح إسماعيل وشركته فهي خمسة سفن اشتراها من ايطاليا كخردة وغير صالحة للإبحار وهي: ( السلام 90 كارووتش)..( السلام 92 بيتراركا )..( السلام 94 ماتروني ) .. ( السلام 96 باسكولي ).. ( وأخيرا السلام 98 يوكاشيو) .
• وقامت الشركة بتحويل هذه العبارات من خردة إلى الاستعمال وإجراء بعض التعديلات عليها لتزيد من حمولتها.. وتم ذلك في السويس في ورش عادية وليس ترسانات مخصصة لذلك.
• وقدر الثمن الذي اشترى به ممدوح إسماعيل هذه السفن ﺑـ 3 مليون دولار في حين أن سعر السفينة الواحدة الصالحة للإبحار يصل إلى 15 مليون دولار.
• وحتى يتغلب ممدوح إسماعيل على رفض هيئة الإشراف الدولي على السفن بمنح الترخيص لسفنه قام برفع علم بنما عليها لأنها تعطي شهادات للسفن دون تفتيش عليها لكنها غير مقرة دوليا.
• وينص القانون الدولي على دخول السفن كل خمس سنوات الأحواض لإزالة الطحالب والمواد العالقة بها ودهانها إلا أن شركة السلام كانت تقوم بذلك من خلال العاملين بها لان سفنها لا تتحمل ماكينات SAND PRAST المتخصصة في ذلك.
• إضافة لذلك فان القانون ينص على أن السفينة لابد لها أن تمكث في الأحواض مدة تتراوح بين 20 إلى 25 يوما للصيانة.. لكن شركة السلام اعتادت على خرق كافة القوانين المنظمة لشركات النقل البحري.. فكانت سفنها لا تمكث في الأحواض أكثر من خمسة أيام وذلك نظرا لارتفاع تكلفة هذه الأحواض وهذا ما لا يرضاه مالك الشركة.
• أما عن السفينة المنكوبة ( يوكاشيو أو السلام 98 ) فقد تم بناؤها في عام 1970 بايطاليا وكانت تستخدم في رحلات محلية داخل ايطاليا وطول السفينة يبلغ 131 مترا وسرعتها 19 عقده في الساعة وسعتها 500راكبا و 200 سيارة.
• وتم تطويرها في عام 1991 لتسع 1300 راكبا و320 سيارة إلى أن قامت شركة السلام بشرائها في عام 98 وتغير اسمها من يوكاشيو إلى السلام 98 .
• وقد ذكرت شركة لويدز ريجيستر في نشرتها المتخصصة أن السفينة يوكاشيو أو السلام 98 في خريف عمرها ولا تستوفي شروط السلامة المطبقة في الاتحاد الأوروبي.. مما جعلها ممنوعة من الملاحة في المياه الأوروبية.
• وحصلت شركة السلام على معايير السلامة لسفنها من شركة رينا الايطالية.. ومما يذكر أن هذه الشركة قد سبق وان منحت إحدى حاملات النفط المالطية معايير السلامة والجودة إلا أنها انشقت إلى نصفين بالقرب من أميركا
من جريدة الجمهورية في عدد الجمعة نقرأ لمحمد العزبي عن زمن ممدوح اسماعيل الذي يلف مصر والمصرين: لم تكتمل فرحة الأعيان وتنعقد جلسة شلة الأنس بصدور حكم البراءة. إذ جاء طعن النائب العام سريعا وبكلمات مثل ان الحكم خالف الثابت في الأوراق واحتوي فسادا في الاستدلال وقصورا في التسبيب وتعسفا في الاستنتاج وبه عوار.
لم يحتمل المشاهدون تفاخر المحامين عن "البريء" واستفزازهم لمشاعر الغاضبين الحزاني يصولون ويجولون ويتباهون متعالين متحدين بأن صاحب العبارة مظلوم ودفاعهم عنه ومن أجل الحق وليس الأتعاب. فكيف يري مظلوما في قفص الاتهام ولا يسرع للدفاع عنه.. وعندما سئل كم أخذ ثمنا لشهامته زاغ من الاجابة وادخل الجميع في متاهات وأخيرا قال: ماذا يهكم في الأمر؟
لم يتذكر كثيرون كيف ظل محصنا بعضوية مجلس رفيع لمدة أربعين يوما بعد الاتهام بقتل أكثر من ألف روح. ولا كيف خرج معززا مكرما مودعا من صالة كبار الزوار. وكيف لحقت به أسرته في أمان.. صحيح أن كله بالقانون. ولكن كم من حصانة رفعت عن نواب في أيام العطلات وفي دقائق معدودات. ولم تكن تهمتهم ترقي إلي قتل فرد واحد!
طويت صفحات إعلامية وتليفزيونية كانت دعاية فجة سماها أصحابها سبقا وانفرادا. دافعت ببسالة عن صاحب العبارة كما رفعت هراوات التهديد لكل من فكر في تحويل مأساة القرن العشرين إلي عمل درامي يملك كل مقومات الإثارة والشجن.
لابأس من الإعلان عن التعاطف مع الغرقي وأسرهم ومقدمة تقليدية في احترام أحكام القضاء والهجوم علي نوايا الصحف والفضائيات وأكبر تعويضات مالية للضحايا.. وبعدها كل يغني علي ليلاه. أو يبكي وينوح.
أعود إلي فرحة الأعيان وتهاني الخلان التي تختفي خوفا من الحزن الطاغي. فلولا ذلك الخوف لاتمتلأت الصحف بإعلانات التهاني لممدوح إسماعيل من أصدقائه وأحبائه وأصحاب المصالح.. لو تجرأ واحد وفعلها. سوف يتبعه آخرون.. وربما كانت هناك حفلات وسهرات خاصة تعيد ليالي زمان. ولو أن صاحبها غائب. عنده اكتئاب كما قال أحد محاميه فذهب للعلاج في مدينة الضباب. أو يخشي التهديد بقتله في قول آخر لمحام آخر يحرض علي ما تنشره الصحف علي لسان المكلومين اليائسين من الرحمة والعدل.. وينقص الحفلات حضور جميلة الغناء والدلال اللبنانية التي كانت تحيي الليالي الملاح الخصوصية أيام البال الرايق والصحبة ذات النفوذ.
لقد صدر حكم بالبراءة. ومن الطبيعي أن تتبعه صفحات التهاني. فلماذا يا تري تأخرت؟
وإذا كنا قد ظلمناه. فمن حقه أن يسترد مكانه في مجلس الشوري معززا مكرما. وهو المكان الذي حصل عليه بالتعيين وطبعا بعد اختيار وتدقيق.
هذا إذا عاد!
لولا الاستئناف لظهرت معالم الفرح وأقيمت الزينات رغم عموم الغيظ والأحزان في قلوب من اصابتهم الكارثة ومن ليست لهم بها صلة مباشرة.
لم نسمع كثيرا عن القاتل. ربان السفينة. هل يمكن أن يظهر يوما ما في مكان ما.. أو حتي نري صورته فنعرف من هو؟
كل شيء ممكن. فنحن في زمن يستحق أن نسميه زمن "ممدوح إسماعيل".. من البداية حتي البراءة.. غير ان النهاية لم تكتب بعد!

براءة صاحب العبارة

كتب فـؤاد عـمـار : بتاريخ 1 - 8 - 2008
نزل حكم المحكمة بتبرئة ممدوح إسماعيل صاحب عبارة الموت التي راح ضحيتها أكثر من ألف شخص كالصاعقة على رؤوس أهالي الضحايا الذين انهاروا فور سماعهم حكم البراءة و انخرطوا في بكاء و عويل من الألم و الحسرة على ذويهم في مشهد تقطر له القلب دماً و نزفت له العين دمعاً .. و جدد الآلام و الأحزان لكل من فقد قريباً أو صديقاً في هذا الحادث المأساوي الذي يتربع بلا منازع على عرش قائمة الحوادث المأساوية التي أبتليت بها مصر في السنوات الأخيرة من إحتراق القطارات و إنهيار العمارات و أخيراً حادث المقطورة التي إقتحمت مزلقان قطار مطروح مطيحة بالسيارات أمامها في مشهد مأساوي جديد

و لا شك أن حكم البراءة كان بمثابة المفاجأة للكثيرين و ترك علامات إستفهام كثيرة و تساؤلات عن المسئولية الجنائية لصاحب العبارة و الشركة التي تملكها .. أنا هنا لا أتحدث عن المسئولية المدنية و التي تنعقد بمجرد شراء الراكب تذكرة السفر و التي تعتبر في عرف القانون بمثابة تعاقد بين الراكب و صاحب العبارة يتعهد فيها بتوصيل المسافر إلى غايته بسلام .. و إذا حدث تقصير في هذا التعاقد يكون من حق المسافر أو ذويه المطالبة بالتعويض المدني بسبب إخلال صاحب المركبة بتعاقده مع المسافر و هذا الحق تنظمه القوانين المدنية و القوانين الدولية .. و لكني هنا أتحدث عن المسئولية الجنائية لصاحب العبارة و التي لا تغني عنها التعويضات المدنية .. فإذا ثبت من خلال التحقيقات أن هناك إهمالا أدي إلى وقوع الكارثة أو أن هناك تقصيرا مادي في أحد الجوانب كعدم وجود أجهزة إنقاذ مثلاً ففي هذه الحالة يكون المتسبب في هذا الإهمال أو التقصير مسئول مسئولية جنائية أمام القانون .. و هذا ما رأته النيابة من خلال تحقيقاتها التي إنتهت بتحويل السيد ممدوح إسماعيل صاحب العبارة و آخرين إلى المحاكمة التي قامت بتبرئتهم جميعاً من التهم المنسوبة إليهم فيما عدا قبطان الباخرة سانت كاترين الذي عاقبته المحكة بالحبس ستة أشهر و غرامة لإيقاف التنفيذ

و من التساؤلات التي ثارت على مدار أيام المحاكمة صلاحية قوارب الإنقاذ و الرماثات الموجودة على سطح العبارة و التي ثبت أنها منتهية الصلاحية برغم وجود شهادات صلاحية ملصقة عليها .. أيضاً ثبت أن إسطوانات إطفاء الحريق كانت فارغة أو لا تعمل و كذلك أجهزة الإطفاء المائي للماكينات غير موجودة .. كذلك إنسداد بالوعات الصرف ما أدي إلى تجميع المياه داخل العبارة و غرقها .. كما قيل أن عدد الركاب وقت الحادث كان ضعف الحد الأقصى المفترض أن تحمله العبارة مع وجود براميل زيت ووقود داخل جراج العبارة رغم مخالفة ذلك لقواعد الأمان في هذا النوع من العبارات .. و التساؤل الأول و الأهم من الذي سمح لممدوح إسماعيل و نجله بالخروج من مصر بعد وقوع الحادث و لماذا لم يتم منعهم من السفر .. أيضاً لا أستطيع أن أستوعب أننا لا نعرف أين يقيم ممدوح إسماعيل و أن الشرطة الدولية غير قادرة على تحديد مكان إقامته رغم أن السيد مفيد فوزي قام بإجراء حوار تليفزيوني معه تم إذاعته في التليفزيون المصري .. و رغم أن عدداً من الصحفيين المصريين في إحدى الجرائد الخاصة قاموا بمقابلته في إحدى رحلاتهم إلى لندن و قاموا بنشر وجهة نظره من خلال بعض المقالات .. فإذا كان كل هؤلاء يعرفون أين يقيم السيد ممدوح إسماعيل أو على الأقل نجحوا في الوصول إليه و التحدث معه .. فكيف يعجز عن ذلك البوليس الدولي بما له من قدرات و إمكانيات لا تتوفر للآخرين

لماذا تم تحويل المتهمين إلى محكمة جنح و ليست محكمة جنايات .. و لماذا لم تتم المحاكمة في القاهرة رغم مطالبة المحامين بذلك .. و لماذا تأخرت عمليات الإنقاذ ساعات طويلة قبل أن تبدأ و من المسئول عن ذلك .. هل قامت أجهزة الإستغاثة الآلية بإرسال إشارات إستغاثة أم أنها أيضاً كانت لا تعمل .. هل كانت فعلاً قوارب الإنقاذ منتهية الصلاحية .. و هل كان عددها كافياً و يتناسب مع عدد الركاب وقت وقوع الحادث .. و لماذا لم يتم إستخدامها .. و من المسئول عن وجود براميل زيت ووقود على سطح العبارة و ما هو السبب الرئيسي للحريق .. أخيراً إذا كان السيد ممدوح إسماعيل بريئاً فمن الجاني .. ممكن حد يجاوب على أسئلتي؟!
رفض التكهن بحكم الاستئناف في القضية .. المستشار الخضيري : لو كان هناك استقلال قضائي حقيقي لتقبل الناس حكم العبارة وهايدلينا


أكد المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض ورئيس نادي قضاة الإسكندرية السابق أنه لو كانت هناك استقلالية كاملة للقضاء وكان المواطن يشعر بوجود هذه الاستقلالية وعدم تدخل أجهزة الدولة في الجهاز القضائي ، لما حدثت ردود الأفعال الشعبية والسياسية على الأحكام القضائية التي صدرت في قضايا شركة هايدلينا وصاحبها الدكتور هاني سرور أو قضية غرق العبارة السلام 98 وصاحبها ممدوح إسماعيل.
وربط الخضيري في تصريحات خاصة لـ"المصريون" بين الضجة التي ثارت بعد صدور هذين الحكمين وغياب الاستقلال القضائي في مصر ، وبالتالي فقدان الناس الثقة في الأحكام القضائية الصادرة في الفترة الأخيرة ، مشيرا إلى أنه لو اطمأن المواطن للقضاء وشعر بأنه مستقل لما كانت هناك حالة من الاعتراضات والاحتجاجات التي نراها على أحكام القضاء ، حتى لو كانت هذه الأحكام لا يرضي بها المواطنون.
ولفت نائب رئيس محكمة النقض إلى أن استقلال القضاء ليس شعارا أو قولا ، وإنما واقع وفعل ، وإلى أن تدعيم استقلالية القضاء يؤكد الثقة في الأحكام التي تصدر ، موضحا أن من مميزات القضاء أنه يصلح أخطائه بنفسه ، فحكم أول درجة يأتي بعده النقض ، مما يشكل ضمانة حقيقية لإصدار حكم قضائي عادل وغير معيب.
ورفض الخضيري التكهن بحكم الاستئناف في قضية غرق العبارة قائلا: "علينا ألا نتسرع في إصدار الأحكام في هذه القضية إلا بعد صدور الحكم بعد الاستئناف، فربما يكون هناك خطأ ويمكن تداركه في الاستئناف ، مطالبا في الوقت نفسه باتخاذ كافة الإجراءات التي تدعم استقلال القضاء وتغل يد الجهاز التنفيذي عن التدخل في شئون القضاء.
رئيس قسم التشريع بمجلس الدولة: قرار الإحالة في قضية العبٌارة تجاهل نص قانون العقوبات         طباعة     ارسال لصديق    
02/08/2008
علي أن القتل الخطأ لأكثر من 4 أشخاص جناية وليس جنحة
استئناف الحكم يجعله كأن لم يكن.. ويجعل التعليق عليه ليس خطأ.. وطعن النائب العام ينقصه إعادة تكييف القضية باعتبارها جناية

كتبت: شيماء المنسي

قال المستشار عادل فرغلي ـ رئيس قسم التشريع بمجلس الدولة ـ إن قانون العقوبات ينص علي أن القتل الخطأ لأكثر من 4 أشخاص يعتبر جناية، وليس جنحة، وطالب دفاع وأهالي ضحايا عبٌارة «السلام 98» بأن يكون أول دفع لهم أمام محكمة الاستئناف هو عدم اختصاص محكمة الجنح المستأنفة بنظر الدعوي، وإعادة تكييفها باعتبارها جناية قتل خطأ، استناداً لنص قانون العقوبات، والمطالبة بإحالتها إلي محكمة الجنايات. وأعرب فرغلي عن تعجبه من عدم تنبه أحد من رجال القضاء والقانون إلي التقدم بطعن أمام محكمة الجنح أول درجة بعدم اختصاصها بنظر القضية، وقال: «مقتل 1034 مواطناً، حتي لو كان خطأ لا يمكن أن يكيف علي أنه جنحة كما فعل المستشار ماهر عبدالواحد، النائب العام السابق، ولابد أن يتحمل من تسببوا فيه المسئولية الجنائية، حتي ولو كان بدون تعمد، ومن حق المحكمة إعادة قيد وتوصيف القضية وفقاً لما يراه القاضي، دون التزام بتوصيف النيابة العامة للقضية، وكان المفترض من القاضي أن يكلف النيابة العامة بإعادة التحقيق في الوقائع التي لم تتعرض لها في قرار إحالتها لها، أو أن تباشر المحكمة بنفسها التحقيق في هذه الوقائع.
ورفض فرغلي توجيه الاتهام بعدم الإبلاغ عن غرق العبٌارة إلي ممدوح إسماعيل، قائلاً: «هذه مخالفات تأديبية إدارية، ولكن ما حدث أن هناك 1034 ضحية، تسبب ممدوح إسماعيل بعبٌارته غير الصالحة في قتلهم، ويجب محاسبته علي ذلك»، كما رفض الأخذ بشهادة الموظفين في التفتيش البحري باعتبارهم مشاركين في الجريمة، لأنهم أعطوا شهادات تسيير للعبٌارة رغم أنها غير صالحة للاستخدام. وقال: «إن إحالة القضية إلي محكمة الاستئناف تلغي الحكم الصادر بشأنها وتجعله كأن لم يكن، وبالتالي فإن طرحه للمناقشة أو التعليق عليه ليس خطأ، باعتباره غير موجود أصلاً. ووصف طعن المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام علي الحكم بأنه «جيد، لكن ينقصه إعادة تكييف القضية باعتبارها جناية وليست جنحة»

شهداء العبّارة(2)         طباعة     ارسال لصديق    
02/08/2008
الطفل محمد حسانين: فقدت أبي وأمي وإخوتي الثلاثة.. ومازلت أحلم بتفاصيل الكارثة كل يوم
جدة محمد: العبّارة حولت حياتي إلي جحيم.. وخاله: لو كان الأمر بيدي لحكمت بإعدام من تسبب في المجزرة

المنيا: ماهر عبدالصبور

أسرة كاملة لم ينج منها سوي طفل واحد، أب وأم و3 أطفال لقوا مصرعهم غرقا في كارثة «السلام 98».. الناجي الوحيد من الأسرة كان الطفل محمد أحمد محمود حسانين، 14 سنة، محمد الذي فقد مع أسرته القدرة علي النطق والحركة أصيب أيضا بروماتيزم القلب.
نجح الأطباء في استعادة قدرة محمد علي النطق والحركة بشكل جزئي أما الروماتيزم ـ حسب الأطباء ـ فسيتطلب علاجا مدي الحياة. بدأ محمد شهادته لـ «البديل» حول ما حدث أثناء غرق العبّارة بالبكاء، متذكرا أسرته ثم قال: «حدث انفجار في العبّارة.. فحملني والدي مع شقيقتي ووضعنا في أحد قوارب النجاة ثم ذهب لإحضار أمي وشقيقي ولم أره بعدها مرة أخري».
يضيف محمد:«زاد العدد في القارب فانقلب بنا في البحر وغرقت أختي، وتهت في البحر حتي عثر علي طاقم الإنقاذ، فقدت القدرة علي النطق والحركة لفترة. ثم علمت في المستشفي أنني أصبت بروماتيزم في القلب ومن ساعتها وأنا أحلم كل ليلة بتفاصيل الكارثة». تقول جدة محمد، 65 سنة: «العبّارة حولت حياتي إلي جحيم حيث فقدت ابنتي وزوجها وأحفادي عدا محمد الذي يحتاج لرعاية خاصة لا تسمح بها سني ولا ظروفي المادية».
أما خال محمد فيقول: «فقدت شقيقتي الكبري بسبب العبّارة المنكوبة، ولو كان الأمر بيدي لحكمت بإعدام من تسبب في تلك المجزرة»

أرسلوا صور شهدائكم من ضحايا عبارة الموت، وأي معلومات عنهم للنشر في قائمة «شهداء العبارة»

محامو مالك العبّارة لعبوا علي إيمان المصريين بـ«القضاء والقدر»          طباعة     ارسال لصديق    
02/08/2008
d.mohamed.jpg
وحيلهم امتدت من حمايته إلي حماية دولة بأكملها من العقاب

د. محمد السيد سعيد يكتب: مستقبل الثقافة والمجتمع.. مصير الاستنارة في مصر
توظيف مفهوم القضاء والقدر هل يمثل مشروعية تاريخية أم نوعاً من التسويق الانتهازي للدين؟
تناول الكثيرون بالنقد المشروع الجانب القانوني والجانب السياسي الطاغي في الحكم ببراءة ممدوح اسماعيل صاحب «السلام 98» التي غرقت وأغرقت معها أكثر من ألف مصري.
ما أتناوله هنا هو الجانب الثقافي.
ويستحق هذا الجانب معالجة مستقلة ومستفيضة لأنه في تقديري «جوهر القضية» الذي يبقي معنا بعد أن يهدأ النقاش العام حول الحكم.
التأويل التجهيلي
أكثر ما كان يجب أن يلفت النظر هو القبول الضمني لحجة ساقها محامو مالك العبّارة في سائر القنوات التليفزيونية وتقول بأن غرق العبّارة وأكثر من ألف مواطن مصري كان «قضاءً وقدراً». أما الحكم القضائي نفسه فقد ترك فراغاً كبيراً يتسلل إليه هذا الـ«قضاء والقدر» لأنه قام في جانب منه علي القول بأنه لا يوجد ما يثبت أن وفاة هذا العدد الكبير من المصريين نتجت عن غرق العبّارة. ولم يمنح الحكم حيزا يذكر لتناول القضية البديهية من الناحيتين المنطقية والميدانية، وهي أسباب غرق العبّارة وما أشار إليه كثيرون من إهمال في تطبيق المعايير العصرية للأمان.
وبذلك بدا غرق العبّارة «السلام 98»- ومن قبلها عبارات أخري- وكأنه حدث بدون سبب مفهوم أو قابل للفهم والإثبات بما يسمح بأن يقفز في أدمغتنا تأويل آخر تماما وهو «القضاء والقدر».
والواقع أن ما قال به محامو مالك العبّارة يتجاوز بكثير جداً.. جداً مجرد توظيف حيل قانونية تضمن إفلات شخص أو هيئة- أو في الواقع دولة كاملة- من المساءلة والعقاب. فما قالوه هو «ثقافة».. ولكنها ثقافة تجهيلية وهي أيضا ثقافة معادية لتراث مصر الثقافي عبر أجيال.
وأمس الأول طلب مني عدد من أساتذة جامعتي دوبو بولاية أنديانا ودينيسون بولاية أوهايو تفسيراً لهذه الذرائع. سألوا إن كان في ثقافتنا مفهوم أو معني مشابه لمفهوم التنوير في الثقافة الغربية المعاصرة. وتأملت الموضوع طويلاً قبل أن أستجب لطلبهم عقد لقاء أو إلقاء محاضرة عن هذه القضية.
كان يمكن بالطبع القيام بهجوم مضاد واتهام الثقافة الغربية بالكيل بمكيالين والحياة عبر ثقافتين متوازيتين. كان يمكن مثلا الإشارة إلي الجهالة والنزعة الخرافية في العقل الأصولي في الولايات المتحدة مثلا. وكان يمكن أيضا أن أحاضرهم عن «خيانة» مشروع الاستنارة ليس فقط اليوم وفي ظل الأساطير الصهيونية السياسية بل منذ اليوم الأول عندما سلمت أوروبا روحها لنزعات الحرب والنهب والاستعمار.
وبدلاً من ذلك كان علي أن أجيب لنفسي عن أسئلتي الخاصة والتي هي أيضا أسئلة مصير لمجتمع بأسره. هل يمثل توظيف مفهوم «القضاء والقدر» امتداداً لمشروعية ثقافية تاريخية أو حاضرة؟ أم أنه نوع من التسويق الانتهازي البحت لأيديولوجية زائفة ومقحمة علي الموضوع؟.
إجابتي بإيجاز أن توظيف مفهوم القضاء والقدر ليس غريباً أبدا عن ثقافتنا بالمعني الواسع للكلمة.. ولكنه ليس بالضرورة تمثيلاً واعياً لمشروعية ثقافية تاريخية، ولا هو أيضا امتدادا أو ترجمة أو تمثيلا أو تجسيدا للمشروعية الدينية.
فالثقافة الفرعونية أحدثت تقدما هائلا للحضارة الإنسانية ومنحتها طاقة اندفاع خلاقة لأنها استندت في معظم حلقاتها إلي التأويل. ولكن هذا التأويل «الكيميائي» أو التفسيري أستند إلي التجربة والممارسة. وبتعبير آخر قامت الحضارة الفرعونية علي ثقافة تعرف الأسباب الوضعية لمختلف الظواهر وتتلمسها، ولكنها تذهب إلي ما بعدها في محاولة لمنح مجموع الظواهر الفاعلة في التجربة الإنسانية نفحة روحانية أو كلية كونية. لقد ألفت الفرعونية ميتافيزيقا خلاقة كامتداد للتجربة الفيزيائية وهو ما يعرف بالكيميائية. كانت ثقافة تعترف بالعقل صاحب التجربة، ولكنها حاولت أن تنطلق لما وراء العقل. والواقع أن التمازج بين العقل الكيميائي الفرعوني والعقل المنطقي اليوناني أنتج أعظم حقبة في تاريخ الثقافة في الدنيا كلها وهي الحقبة الهيلينية. وحفلت هذه الحقبة بالاكتشافات الرياضية والفيزيائية وخاصة في الفلك. وترجمت هذه الاكتشافات جزئياً في كشوف جغرافية مبكرة تابعت ونقلت ما أنجزه الفراعنة في دنيا البحار إلي مستويات جديدة حتي قيل إن مصريين كانوا أول من اكتشف الأمريكتين! المسيحية المصرية الأولي تورطت في إظهار شيء من الخصومة مع العقل والتجربة الحسية كمصدر للمعرفة. وربما تكون هذه الورطة السبب المباشر في أكبر نكسة للمعرفة للتاريخ الثقافي العالمي، هنا وفي العالم القديم ككل. وبدا هذا العداء منسجماً مع الثورة ضد النزعة المتعوية الفاسدة في العصر الروماني، ومع البحث الدائب وخاصة بين الأجيال التالية لعلماء مكتبة الإسكندرية عن حل ينقذ الروح من فساد مبدأ اللذة. ولكن هذه الخصومة- ولو لم تكن صدفة بحتة- أدت لانهيار المسعي المعرفي الدنيوي بوجه عام والاستعاضة عنه بالحرف المقدس. وهذا هو ما ملأ تاريخ مصر والمشرق قبل الإسلام بالصراعات المذهبية الخالصة وبحركات لا حصر لها لإنتاج تأويلات للتجربة الدنيوية محصورة أو محاصرة إلي حد بعيد في الكتاب المقدس أو بالمعرفة الإشراقية.
ولم يبدأ الاهتمام بالعقل من جديد الا مع ظهور الإسلام. ولم يبحث كثيرون في التاريخ الثقافي في العصر الإسلامي ولا حاول كثيرون إنتاج نظرية لتموجات هذا التاريخ. ولا شك أن من الخطر إنتاج شيء من ذلك إلا بعد عقود طويلة من الدراسات المتأنية التي يتوفر عليها عشرات ومئات من العلماء الكبار.
كل ما يمكن أن نقوله هنا هو أن الثقافة المصرية في العصر الإسلامي عرفت واحتفلت بمستويات مهمة من المعرفة العقلية. وإن جازت لنا المخاطرة بأي اقتراح حول تاريخ هذه الثقافة فهي أنها شهدت ورطة الصراع بين الفقه والفلسفة رغم أن كليهما مسعيان منطقيان بالتعريف والضرورة. وربما يمكن القول أيضا أن هذا الصراع شكل العلة وراء التدهور طويل المدي للثقافة العربية الإسلامية وسقوطها في وهدة الركود وخضوعها لتجريف لا عقلي ولا منطقي لقرون من الزمن وخاصة في ظل الامبراطورية العثمانية.
فلم يحتفل دين بالعقل مثلما فعل الإسلام. وتكاد ألفاظ العقل والفهم والفقه ومتبادلاتها تشكل لغة مميزة خاصة بالقرآن الكريم وهي لغة يستحيل تجنبها فيما يتعلق بالإيمان نفسه. وكان من الضروري للفقه أن يتعاطي مع نظام منطقي صارم لاستنباط الأحكام. ومع ذلك فقد شن الفقهاء حرباً شعواء علي الفلسفة كما هو معروف. ورد الفلاسفة بكل قوة حتي تم القضاء علي النشاط الفلسفي المباشر، وإن ظل هذا النشاط كامنا في الشعر بكل مدارسه وبصورة جانبية في التصوف بل في الفقه نفسه.
ولا نعرف ماذا دعا الفقه لمحاولة استئصال الفلسفة. والأرجح أن ذلك تم بتأثير عوامل سياسية ومجتمعية وليس بتأثير الوازع الديني نفسه. وإن تركنا هذه المسألة علي أهميتها لمزيد من البحث والتأريخ فما يهمنا مع ذلك هو الإشارة لتحالف طبقة استغلالية عسكرية وقعت ممارساتها الملموسة في تناقض شديد مع المبادئ المجردة للإسلام فوظفت مقولات تبدو مبثوثة في الإيمان الديني كجزء لا يتجزأ منه وبالذات القضاء والقدر لتبرير فسادها الأخلاقي. ولكن ذلك اسلم التجربة الدينية في الإسلام لفترة طويلة لنزعة تشاؤمية واستسلامية عميقة كانت في الحقيقة نقيض رسالته النافذة.
حاول المعتزلة واجتهدت مدارس فلسفية إسلامية شتي، وعلي رأسها حركة «إخوان الصفا»، أن تتصدي لترجمة الرسالة العقلية للإسلام إلي نشاط منهجي في الكشف العلمي. وتم لهذه المدارس تحقيق انجازات خلاقة ورائعة لابد من إعادة صفها في موقع متقدم من تاريخ العلم في العالم. ولكن في لحظة ما ممتدة بالطبع من التاريخ الإسلامي سلمت الثقافة الإسلامية لنزعة لاعقلانية بل معادية للعقل.
وتصادف أن بداية هذا التسليم وقعت في الفترة الأصعب في تاريخ المنطقة والإسلام، بين القرنين الحادي عشر والرابع عشر، حيث تعرض العالم الإسلامي للغزوات التتارية والمغولية والصليبية. ولأن ذلك تم في ظروف فرقة داخلية شديدة لجأ علماء السُنة لاغلاق باب الاجتهاد ووقف المسعي العقلي كلية، وحصره في استنباطات متتالية علي هوامش المؤسسين الكبار للمذاهب الأربعة. وبينما استهدف وقف المسعي العقلي محاصرة الفرقة والصراعات المذهبية لتمكين الأمة من وقف الغزوات الخارجية فالنتيجة النهائية كانت إضعاف الحافز للتقدم والنهوض والإعمار.. ومن ثم تحضير الأمة لمزيد من الغزو الخارجي والتهافت الداخلي.
وفي هذا السياق بدأ التصوف بأطره التركية- قبل وبعد الهيمنة العثمانية- محاولة لتجاوز روحاني صرف لتجربة وجود منسحق فردي وجماعي.. وليس نموذجا للمعرفة الإشراقية كما وعد في ظل أطره العربية الحقة. وتحالف التصوف بهذا المعني بل بدا جزءاً تكميلياً لصناعة فقهية فقدت أفقها العقلي وصرامتها المنطقية فضلا عن تسليمها لمقولاتية شكلانية تغلق باب الإثبات التجريبي والواقعي وتنحصر في بحث لغوي تبسيطي.
وبدا لهذا المزيج المعقد للثقافة الفقهية المتدهورة والثقافة الصوفية المتحورة أن «القضاء والقدر» صاعقة لا يمكن مناقشتها ولا فهمها ولا تفسيرها تفسيراً يتسق مع رسالة الإسلام الحقة في التسبيب وفي الوعي والعقل والتفقه والفهم والعلم بالشيء.
يلزم الإسلام معتنقيه بالإيمان بالقضاء والقدر. ولكننا يجب أن نبحث بعناية هذا المفهوم. فالأصل فيه ليس وقوع الظواهر صاعقة وبدون أسباب، بل وقوعها وفقا لعلل. هذه العلل تعكس في بداية الأمر ونهايته المشيئة الإلهية، وهو معني يختلف عن التفسير الشائع للارادة أو المشيئة الإلهية التي تحيلها إلي استثناء وفوضي وليس إلي مبدأ شامل للعقل الأصلي المولد.
ومن هنا استندت محاولات إعادة تصويب فهم الإسلام إلي إعادة التأكيد علي مفهوم العقل المولد.
لقد عرفنا الاستنارة قبل أوروبا بقرون طويلة. ولكن معرفتنا لم تتراكم بينما انطلق الأوروبيون بسرعة خاطفة لإنتاج دولاب علمي ومعرفي هائل لا يزال نشطاً وفواراً حتي الآن. أما نحن فقد حالت طبقات فاسدة ونظم حكم لا يبررها منطق أو عقل دون إرساء مبدأ عقلي للحكم علي كل شيء. ولذلك وقعت نكسة ونكسات لحركة الاستنارة في العالم الإسلامي بما فيه- للأسف- مصر.
وهذا هو واقعنا الراهن: نكسة طويلة
د. نادر فرجاني يسأل : من أصدر حكم براءة قاتل الألف مصري؟         طباعة     ارسال لصديق    
02/08/2008
nader.jpgسؤالان يصمان الأذن المصرية منذ صدور الحكم في قضية عبَّارة الموت:
الأول: من حقاً قتل شهداء عبَّارة ممدوح إسماعيل؟
والثاني: من حقا أصدر حكم براءة قاتل الألف مصري؟
الإجابة المباشرة في الحالتين صحيحة شكلاً ولكنها قاصرة عن الإمساك بالحقيقة كاملة.
صحيح شكلا أن الإجابة عن السؤال الأول هي "ممدوح إسماعيل" وعن السؤال الثاني هي المستشار "أحمد النجار" رئيس هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم يوم 27 يوليو 2008.
وحتي لا يلغز الأمر علي القارئ طويلا، أزعم أن الإجابة - التي تصل إلي كبد الحقيقة - واحدة في الحالتين.
من تسبب في مقتل شهداء عبَّارة ممدوح إسماعيل ثم أتاح له جميع فرص الإفلات من العقاب، حتي صدور حكم البراءة علي لسان قاض غير منزه عن الإفساد، هو الحكم التسلطي المتزاوج مع الرأسمالية المنفلتة والمتوسلين بالفساد والاستبداد، سبيلا لغطرسة الطغيان ولتراكم الثروات الحرام.
وليس مغزي هذه الحقيقة الكاملة أن "ممدوح إسماعيل" و"أحمد النجار" بريئان. كلاهما مستحق للإدانة والعقاب بلا مراء. لكن مغزي الحقيقة الكاملة هو أن التوقف عند عقاب هذين الشخصين لن يقطع دابر مثل هذا الفساد في البلاد. فنظام حكم الفساد والاستبداد سينتج بطبائع الأمور آلافا مثلهما مما بقي جاثما علي صدور المصريين.
جماع القول، أن شرط الانعتاق من مثل هذا الظلم الفاجر هو إسقاط نظام حكم الفساد والاستبداد، لا أقل. وأن المجرمين الأحق بالإدانة والعقاب، في محكمات عادلة إن أحسنوا الخاتمة وتخلوا عن السلطة طوعاً، هم رءوس الحكم التسلطي جميعا.
ودون هذين المطلبين لسيادة الحرية والعدل في مصر، فليوطِّن المصريون أنفسهم علي نوازل فساد وطغيان حتي أبشع من تبرئة قاتل الآلاف وقاضيه.
ولننظر في مسوغات ذلك الحكم بإيجاز.
الحكم التسلطي هو الذي مكَّن لممدوح إسماعيل، بداية، من الإثراء ومن احتكار خطوط العَّبارات، بل أضفي عليه مهابة وحصانة، بتعيينه عضوا في مجلس الشوري، وياللصفاقة، في المجلس الأعلي للسلامة البحرية، علي الرغم من تكرار جرائم غرق عباراته. ثم حماه بتهريبه من البلاد، إلي بلد لم يبرم اتفاقية لتسليم المجرمين مع مصر، في حمي قوات الأمن نفسها التي أنكرت علي بضع شباب من خيرة بني مصر قدرا من اللهو البريء والتغني بالوطن علي شواطئ الاسكندرية، فأذاقتهم مر العذاب، ثم حكمت عليهم نيابة ضالة فورياً بالسجن خمسة عشر يوما. وهكذا، بينما لم يقض قاتل الآلاف ساعة واحدة في السجن، ألُقي بعض من خيرة شباب مصر في السجون والمعتقلات أياما حتي أنقذهم قرار القضاء بإخلاء سبيلهم.
ووظف الحكم وسائل إعلامه للدفاع عن قاتلي الآلاف، وهم في مهربهم المترف، آمنين من القضاء المصري ومن غضب الشعب، والقضية منظورة أمام القضاء. وحتي عندما عرضت القضية علي القضاء المصري، فجع المصريون في أن جناية مقتل أكثر من ألف مصري كيفت كمجرد جنحة إهمال أساسا من قبل مختفين حرفا للاتهام عن الجناة الأصليين. وعندما تدخلت الدولة المصرية للتوسط بين المجرمين والضحايا في مسألة التعويضات، من خلال المدعي الاشتراكي، فرضت علي أهالي الضحايا المكلومين شروط إذعان تمنعهم من مقاضاة المسئولين عن الجريمة البشعة بعد تلقي التعويضات المالية التافهة لقاء فقد الأحبة والمعيلين.
ثم نأتي لثالثة الأثافي. فمن علامات الحكم التسلطي إخضاع القضاء للسلطة التنفيذية والتضييق علي استقلاله بما يفتح أبوابا لإفساد القضاء والقضاة. وكما يفسد بعض القضاء في ظل الحكم التسلطي يفسد محامون، ومعروف أن القانونيين عندما يفسدون يصبحون أعتي الناس فسادا. وإن فسد القاضي والمحامي، وساندهم إعلام مزيف للحقيقة، فليس من خاتمة لقضية إلا ضياع حقوق المستضعفين وطغيان المفسدين في الأرض. وهذا ما حدث علي أيدي "ممدوح إسماعيل" و"أحمد النجار" مباشرة، ونهاية علي أيدي رءوس الحكم التسلطي من وراء غلالات رقيقة.
وليسامحنا أجلاء قضاتنا في التعقيب علي حكم قضائي. فحصانة أحكام القضاء من التعقيب عليها تشترط قضاء حراً ونزيهاً. وتكرار أحكام تمكّن الطغاة المفسدين في الأرض من الإفلات من العقاب علي جرائم بشعة تهدر حقوق شرائح واسعة من المصريين، خاصة المستضعفين منهم، يجعل محراب العدل يهتز ويلطخ ثوب القضاء الناصع. وما لم يطهِّر أهل القضاء محراب العدل بأنفسهم، يبقي التعقيب علي أحكام القضاء - بادية العوار- ضربا من التعبير المباح، بل واجبا. وسيبقي فخرا للمصريين جميعا أن في مصر قضاة أجلاء بحق.
وعليه فمن دواعي الغبطة والفخار التعبير عن بالغ التقدير للمستشار عبد المجيد محمود علي قراره بالطعن في حكم البراءة المعيب الذي يضاف إلي رصيد قراراته السديدة، ومنها قراره بإحالة المسئولين عن شركات إنتاج الأسمنت إلي المحاكمة الجنائية. تأسيساً علي هذا الرصيد المشرف نستطيع الفخر بأن في مصر نائبا عاما جليلا حقا، حريصا علي المصلحة العامة وعلي حقوق الناس. 

«اعتماد» أخت الشهيد علي عبد الفتاح:أبناؤه ينتظرون عودته.. رغم أننا دفناه
قلت للنائب العام: ممدوح إسماعيل هياخد براءة لأننا عارفين مين اللي واقف وراه

«كان الأول علي مدرسة النقراشي باشا في الثانوية العامة ورفض أن يدخل أي كلية من كليات القمة من أجل الالتحاق بكلية التربية ليعمل بتدريس اللغة العربية والدراسات الإسلامية" هكذا تحكي اعتماد، شقيقة الشهيد علي عبد الفتاح علي، أحد ضحايا «عبارة السلام 98» ،الذي صعدت روحه الي بارئها قبل عامين عن43 عاما .
بدأ علي رحلته في العمل بالخارج بدولة الكويت عام 87 وحصل فيها علي شهادة أفضل مدرس بالكويت عام ،89 ثم انتقل للعمل بالسعودية عام 92 وحصل منها علي 14 شهادة تقدير..
وعن حكم البراءة الذي صدر لصالح ممدوح إسماعيل تقول اعتماد "يعني هي الحكومة هتحاسب الحكومة.. حسبي الله ونعم الوكيل"، مؤكدة أنها توقعت براءة ممدوح إسماعيل وقالت للنائب العام أثناء تقديم البلاغ بعد الحادث مباشرة:"هياخد براءة لأننا عارفين مين اللي واقف وراه.. وهو لو ماخدش براءة هيتكلم".
وتضيف اعتماد أن الحكم أصاب زوجة الراحل وأشقاءه وأطفاله الخمسة بصدمة خاصة أنه تزامن مع فترة الإجازات الصيفية التي اعتادوا خلالها علي عودته كل عام، ومازال طفله الصغير الذي يدرس بالصف الثاني الابتدائي يسأل زملاء والده ممن يزورونهم: "بابا مجاش معاكو ليه؟" ـ فالصغير الذي لم يكن قد التحق بالمدرسة وقت الحادث لا يعرف أن والده غرق في تلك العبارة، وحتي أشقاؤه الأكبر منه في السن رغم معرفتهم أن والدهم شهيد إلا أن الأمل مازال يراودهم في عودته إلي المنزل حتي بعد دفننا جثمانه <

ليست هناك تعليقات: